تحليل نص جورج غوسدورف|استقلالية الشخص

تحليل نص جورج غوسدورف: استقلالية الشخص


المحور الثاني: الشخص بوصفه قيمة
مجزوءة الوضع البشري
مادة الفسلسفة: الثانية باكالوريا
النص مقتطف من كتاب "مقالة في الوجود الأخلاقي" (1949) لجورج غوسدورف، وفي هذا النص يسير غوسدورف على خلاف الفلسفات السابقة التي تناولت الشخص من منظور نظري وميتافيزيقي، فهو يؤكد في هذا الكتاب أن قيمة الشخص لا تتحدد في المجال الوجودي الفردي، ولكن في إطار أشكال التضامن بين الناس.
النص الفلسفي:
استقلالية الشخص
«إنّ فكرة استقلال الذات المفكّرة والشخص الأخلاقي كما تمّت صياغتهما من طرف الفلاسفة، لم تتحقّق في الفكر الإنساني إلاّ في وقت متأخّر، فهي بمثابة نقطة وصول لمسار طويل في التعلّم، وتحقيقا للنموذج الذي ربّما ينبغي على الإنسان أن يتوجّه إليه بجهده، لكن لا ينبغي أن ننسى أنّ تجربة الاستقلال والعزلة لا تشكّلان الواقعة الأولى في الوجود كما عاشها الناس فعليا، فالادّعاءات الإيديولوجية حول الإنسان لا يمكن بأيّة حال أن تنكر أشكال التضامن البسيطة والأساسية التي سمحت لتلك التنظيمات بالبقاء، وللفكر أن يتشكّل على أرض بشر أحياء، لهذا فإنّ أخلاقا ملموسة هي التي ينبغي أن تحدّد الجهد المبذول لأجل الكمال الشخصي، ليس فقط في مجال الوجود الفردي، ولكن أيضا وأوّلا في مجال التعايش وداخل المجموعة البشرية، وفي الحقيقة لا يتعلّق الأمر هنا بنظامين مختلفين، فالعلم واحد، وكلّ نشاط بشري يندرج داخل هذا العالم الذي تساهم قيمه في النموّ والارتقاء، يعتقد "الفرد" أنّه إمبراطور داخل إمبراطورية، فيضع نفسه في مقابل العالم وفي تعارض مع الآخرين، بحيث يتصوّر نفسه كبداية مطلقة، وعلى العكس من ذلك يدرك الشخص الأخلاقي أنّه لا يوجد إلاّ بالمشاركة فيقبل الوجود النسبي، ويتخلّى نهائيا عن الاستكفاء الوهمي، إنّه ينفتح بذاته على الكون، ويستقبل الغير، لقد فهم الشخص الأخلاقي أنّ الغنى الحقيقي لا يوجد في التحيّز والتملّك المنغلق كما لو كان بإزاء كنز خفيّ، ولكن يوجد بالأحرى في وجود يكتمل ويتلقّى بقدر ما يعطي و يمنح». (جورج غوسدورف، مقالة في الوجود الأخلاقي، مكتبة أرموند كولان، باريس، 1949، ص: 201-202)
نبذة تاريخية عن صاحب النص:"جورج غوسدورف"
جورج غوسدروف فيلسوف فرنسي ولد عام 1912 ومات سنة 2000، درس الفلسفة بجامعة ستراسبورغ،
 من مؤلفاته:
  •  المعروفة "اكتشاف الذات"،
  •  "رسالة في الوجود الأخلاقي"،
  •  "مدخل إلى العلوم الإنسانية"، 
وجه غوسدورف نقدا إلى الفلاسفة العقلانيين الذين يفككون الشخص ويرسمون للإنسان صورة مجردة لا يمكن للناس العاديين أن يتعرفوا فيها على أنفسهم، داعيا إلى إحياء الأساطير لأنها تنطق بمادة الواقع الإنساني وتحتوي على القيم في حالتها البدائية، إن الإنسان في نظره لا يواجه مشكلات منطقة مجردة بل مواقف درامية لا بد لها أن يتحمل فيها مسؤولية حريته الخاصة في مواجهة أخطار الوجود كافة، ولكي يتعرف الإنسان ذاته لابد من الاستعانة شعار "كن من أنت"، وترك الشعار الاتباعي "اعرف نفسك بنفسك".
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-